في قصر الحياة

بقلم: سامي كمال الدين
لم أندهش حين جاءت مصر في بداية كتاب سايمون غارفيلد «المحافظون على الوقت»، مصر صاحبة الحضارة العظيمة والعمق الضارب في بطن التاريخ، فكتاب عن الوقت بالتأكيد تُذكر فيه مصر والشرق عامة في اهتمامه بالوقت وتقدير الحياة وقيمة الزمن فيها.
في كتبه «في قصر الحياة» طالب سينيكا الناس أن يعيشوا الحياة بحكمة ودون طيش، محللًا مقولة أبقراط «الحياة قصيرة، الفن طويل»، متأملًا الوقت الذي يستغرقه الإنسان ليكتسب خبرة في شيء ما يتعلمه، ذلك أن سينيكا لم يكن تعجبه حياة بعض الناس «إنك تجد الرجل مسلوبًا بجشع لا يشبع، وآخر يتملكه تفان منهك في مهام لا جدوى منها، أما ثالث فتجده غارقًا في الملذات، ورابع قد شله الكسل»، سقراط أيضًا قال عن الوقت «احذر من عقم حياة مزدحمة».
في كتابه «المحافظون على الوقت» الذي ترجمته إكرام صغيري وصدر عن دار كلمات عرض سايمون جارفيلد لعشرات الكتب وعشرات القصص عن الوقت وأهميته «الوقت: يمكنك إنفاقه، صنعه، فقدانه، حفظه، هدره، هزمه، حفظه، إتقانه، اقتصاده، قتله».
الإنسان الذي عاش مرتبطًا بالوقت وتربّى على احترام الساعة.. ساعة اليد، ساعة الحائط، أي احترام الوقت، احترام المواعيد، تمشي حياته مثل الساعة وبالساعة، لهذا يأخذنا الكتاب في رحلة طويلة عبر صناعة الساعات وأماكن صناعتها وأسعارها ومتاحفها، ذهب المؤلف بنفسه لحضور واحد من أكبر معارض الساعات في العالم، معرض بازلورلد baselworld أو عالم بازل الذي يُعقد في شهر مارس من كل عام في مدينة بازل في قاعة عرض مساحتها 140000 متر مربع، وتضم معظم العلامات التجارية في العالم، ويحضره بعض نجوم العالم الذين تختارهم شركات الساعات ليعلنوا لها، حضر لتغطية المعرض حوالي 4000 صحفي، أي أكبر من عدد الصحفيين الذين غطوا الحربين العالميتين!
في الفصل المعنون بـ «كيف تبيع الوقت» تحدث المؤلف عن سر إقبال الناس على شراء الساعات، رغم أن أغلبنا يرى التوقيت من خلال ساعة هاتفه، فلماذا ظل الإقبال على شراء الساعات مستمرًا؟
هل بسبب التسويق والدعاية الناجحة والحملات الإعلانية في الصحف؟، مثال: تلعب شركة ساعات شهيرة وثمينة على فكرة «الإرث»، فتكتب في إعلانها: أنت لا تمتلك أبدًا ساعة… أنت فقط تحفظها للجيل القادم.
شركة أخرى حصلت على اقتباس من ألكسندر بوشكين: في أوقات فراغه، يتجول المتأنق في الجادات، حتى تذكره ساعته… اليقظة دائمًا، أن منتصف النهار قد حل.
ربما من أجل اكتمال الأناقة أو هواية من الهوايات أو الإحساس بالقيمة أو الشغف، وأشياء أخرى تختلف من إنسان لآخر في ارتداء الساعات.
في الكتاب نقاش ممتد حول هوسنا بالوقت والرغبة في قياسه، التحكم فيه وتخليده، بيعه، تصويره، وكيف أصيب أغلبنا بالعته من خلال مطالعة هواتفنا المتلازمة فينا طول الوقت، وفيه استعراض للأفلام السينمائية التي اهتمت بالوقت أو ارتدى أبطالها ساعات معينة داخل العمل أو دارت فكرتها عن الساعة أو الوقت.
ينتهي المؤلف بعد مطالعة عشرات الكتب التي تحفز الإنسان على إدارة الوقت والاستمتاع بالوقت في العمل والحياة ومع أسرته في عدة أشياء ذكرتها هذه الكتب، منذ كتاب الحياة في الغابة الذي ألفه هنري ديفيد ثورو عام 1854 وحتى كتاب ستيفن كوفي العادات السبع للناس الأكثر فعالية ومنها: تنظيم الأولويات وإنجازها، وضع القوائم أو الروزنامة وتدوين المواعيد، من المهم إدارة أنفسنا وليس إدارة الوقت فقط، تقسيم الوقت إلى الأشياء العاجلة والمهمة أولًا والأشياء غير العاجلة وغير المهمة ثانيًا، والمهم إدراك أن «الأشخاص الفعالين لا يركزون على المشاكل، بل على الفرص. إنهم يغذون الفرص ويجوعون المشاكل».
كما أن الاستيقاظ مبكرًا من العوامل المهمة في إنجاز المهام والحفاظ على الوقت، وعلى المرء أن يهتم بوقته لا وقت الآخرين ويتجنب التحذلق وأن يوازن بين ساعات يومه.
مورا توماس رئيسة موقع regain your time
تقول استعد وقتك بما يلي: كن محددًا وإيجابيًا، وذلك بالتعبير عن هدفك المنفرد، حدد العقبات الخاصة بك، ربط السلوك الجديد بمكافأة نفسك.
هناك اقتراحات لكتاب آخرين مثل أن تبدأ بإعداد قائمة، وأن تبدأ شيئًا فشيئًا وقسم العبء المتعلق بك إلى مهام معقولة.
للأسف انتهت مساحة المقال فعدد كلماته 600 كلمة وعدد صفحات الكتاب 438 صفحة، إذن عليك شراء الكتاب!
سامي كمال الدين
جريدة الراية
الأحد, 25 فبراير, 2024