مقالات

اتجاهات فيصل القاسم

‏اتجاهات فيصل القاسم
‏الأحد, 21 أبريل, 2024
‏بقلم/ سامي كمال الدين:
‏أحسن شعيب راشد الاختيار بأن يبدأ أولى حلقات برنامجه الجديد على منصة أثير «ضيف شعيب» باستضافة فيصل القاسم، الذي يعد واحدًا من أكثر الأصوات الإعلامية صخبًا وتأثيرًا في العشرين عامًا الفائتة، ليس لهذا السبب ولكن لاكتشاف الجمهور من خلال هذه الحلقة الوجه الآخر للدكتور فيصل القاسم الذي لم يخجله أن يتحدث عن حياته البائسة الفقيرة، حيث ولد وسط أحد عشر أخًا وأختًا (١٠ أولاد وبنتين) في بيت طيني لوالد يعمل بالأجر أو باليومية في الأراضي الزراعية بالسويداء في سوريا، «لم يكن فلاحًا» قال فيصل ثم أكمل «الفلاح الذي يمتلك أرضًا، والدي لم يكن يمتلك أي أرض، بل كان يعمل لدى أصحاب الأراضي في فلاحة الأرض».

‏فيصل نفسه عمل في العديد من المهن الدنيا الشريفة لم يكن أقلها جمع القمامة ونقلها على ظهره، بل وعمل مساعدًا للبنائين في حمل الطوب والأسمنت وكهربائيًا وحدادًا!
‏فيصل الذي لم يكن يتقن اللغة العربية السليمة استطاع أن يهضم النحو والصرف، بل وتعلم اللغة العربية من خلال كتاب باللغة الإنجليزية: كيف تتعلم اللغة العربية، أثناء دراسته للدكتوراة في بريطانيا، حيث تفوق في جامعة دمشق فتم ابتعاثه لدراسة المسرح السياسي الإنجليزي، ولم يكن يعرف شيئًا في السياسة، وهو البحار الماهر الآن في بحور السياسة من خلال برنامجه الاتجاه المعاكس على شاشة قناة الجزيرة أو مقالاته وتغريداته.
‏تجربة فيصل القاسم تجربة ملهمة للأجيال من بعده، بل دعني أقول تجربة الأب نفسه في تنشئة أولاده الذين تعرفت على بعضهم قبل أن أعرف فيصل نفسه، في القاهرة عرفت مجد القاسم المطرب الكبير، وشقيقه المطرب محجوب القاسم وشقيقهم مدير الأعمال الناجح فضل القاسم ودخلت بيتهم كثيرًا في مدينة نصر، عائلة طيبة متواضعة تتشبث بالنجاح إلى آخر مدى.
‏حاول والد فيصل ووالدته أن يلحقاه بأي عمل يتعلم منه صنعة يجلب بها المال من أجل الحياة، لكنهما مُنيا بالفشل الذريع في ابنهما، لم يصلح للالتحاق بالثانوية الصناعية، لم يصلح للعمل كممرض في مستشفى، لم يصلح للتطوع في الجيش السوري لحداثة سنه، أراد له الله أن يسلك طريقًا آخر، لم يكن الأب والأم يفكران فيه لابنهما، الذي التحق بإذاعة البي بي سي وهو يدرس الدكتوراة في مدينة يورك ثم تلفزيون ال bbc ثم تلفزيون ال mbc الذي أغلق بعد عامين في بريطانيا فذهب للعمل في الإمارات، مراسل تلفزيون الفايننشال تايمز، ولم يكمل بعد أن تواصل معه محمد جاسم العلي مدير شبكة الجزيرة ليتعاقد معه على العمل مقدم برامج في الجزيرة.
‏حلقة شعيب راشد مع فيصل القاسم واحدة من أهم الحلقات التي قدمت في السنوات الأخيرة التي يستطيع الاستفادة منها أساتذة التنمية البشرية ومراكز إعداد القادة لأنها تقدم تجربة حية للنجاح والصعود إلى القمة من بين براثن الفقر والجوع عبر اجتهاد طويل وسعي إلى المكانة، فالطفل الذي كان يحلم أن ينطق اسمه في إذاعة عمان أو يكتب اسمه في جريدة أصبح ملء السمع والبصر.
‏منذ عدة أيام كنت أفكر في كتابة مقال عن سر نجاح واستمرارية فيصل القاسم لمدة 27 عامًا عبر برنامج واحد هو الاتجاه المعاكس، ولا أدعي أنني وضعت يدي على السر قبل مشاهدة حلقة ضيف شعيب حتى بسط القاسم تجربته أمامي وأمام المشاهدين لنعرف أن هذا النجاح لم يأت من فراغ.
‏البساطة، عدم التعالي، الوضوح، الصدق، عدم الخجل من ظروفه الحياتية، إسداء الفضل لأهله، القراءة ثم القراءة، التعلم الدائم تعد أسرار نجاح تجربة فيصل القاسم، فليس المهم الوصول إلى القمة، لكن الأهم كيف تحافظ على البقاء على القمة، أو كيف توسع الدائرة التي يريدون لك أن تظل محاصرًا فيها.. هي دلائل وعلامات نجومية فيصل القاسم

جريدة الراية
‏⁧‫#فيصل_القاسم
‏⁧‫#شعيب_راشد‬⁩ ⁦‪
‏⁧‫#سامي_كمال_الدين‬⁩