الفن والسياسة

الفن والسياسة
2:00 ص, الأحد, 14 أبريل, 2024
بقلم/ سامي كمال الدين:
في حلقة من حلقات برنامج big time الذي يقدمه عمرو أديب وأصالة سألا يسرا: هل يجب أن يكون للفنان موقف سياسي؟!
وهو سؤال يتردد كثيرًا وكلنا يعرف إجابته بأن الفن ينبطح دائمًا للسياسة في بلادنا العربية، وهو ما اندهش له عمرو أديب حول علاقة الملحن عمرو مصطفى مع رئيس المخابرات العامة السابق اللواء عمر سليمان.
يسرا تناولت الأمر من حيث تصريح الفنان برأيه السياسي أمام الرأي العام وأنه خطأ، وعلى الرغم من أن يسرا فنانة كبيرة قدمت عددًا من الأفلام المهمة في تاريخ السينما المصرية إلا أنها لم يكن لها أي رأي سياسي حقيقي، عكس ميريل ستريب في أمريكا مثلًا!
يسرا القريبة من علاء وجمال مبارك ابني الرئيس الراحل حسني مبارك لم تكن من الأصوات الصاخبة في الانتقاد السياسي، حتى في السينما كان يتولى المهمة عنها عادل إمام في أفلامهما معًا، عكس نبيلة عبيد مثلًا التي كانت لها أفلام ذات أبعاد سياسية وانتقادات واضحة مثل: كشف المستور.. وأغلب الأعمال المأخوذة من روايات إحسان عبد القدوس أو التي كتبها نجيب محفوظ أو وحيد حامد ومصطفى محرم.
عمرو أديب لعب دور المُحاور في هذا البرنامج، واستضاف عددًا من النجوم في مصر والعالم منهم ويل سميث، استطاع صناعة بودكاست النجوم، تختلف معه سياسيًا أو مع برامجه السياسية لكنك تقدر له هذه الرحلة الطويلة في الصحافة والتلفزيون التي استطاع امتلاك أدواتها، كما توفرت له في هذا البرنامج كل الأدوات والشخصيات التي تستطيع صناعة برنامج ناجح، وأستطيع الإشادة بأغلب حلقات البرنامج ما عدا بعض الحلقات التي تعامل فيها مع البودكاست مثل برنامج توك شو يومي، فراح يقاطع أيمن زيدان في سرده الثقافي وكذلك ويل سميت في سرده الروحي.
موقف يسرا أو عمرو أديب السياسي مع السلطات السابقة والآنية معروف للجميع ولسنا في حاجة للولوج إليه كثيرًا، لكن كان الموقف المدهش والمحزن، موقف الفنانة أصالة، من المعروف عن أصالة أن لها تصريحات حادة ومباشرة، وجلنا يعرف موقفها من الثورة السورية وأحداث 2011 وموقفها من الرئيس السوري بشار الأسد وعائلته وحكمه، وأنها كانت منحازة إلى الثورة السورية، تؤيدها، تدعمها، ونادت برحيل النظام السوري، فإذا بها تصرح مع عمرو أديب بأنه لو عاد بها الزمن لما خرجت ولا تحدثت، وكأن الثورة السورية رقعة في ثوبها تريد التطهر منها، لا أعرف ما الذي تغير بشكل خاص لدى الفنانة أصالة، لكني أعرف أنه على المستوى العام لم يتحول بشار الأسد إلى رئيس ديمقراطي منتخب، ولم يعد أكثر من نصف مليون سوري الذين قتلهم نظامه إلى الحياة بعد، ولم يعد الأربعة ملايين سوري المهجرين إلى تركيا إلى وطنهم، أو حوالي 8 ملايين نازح في العالم كله من الشعب السوري لكي تغير موقفها..!
فما الذي غير أصالة أو ما الذي تغير في موقف أصالة، لو صمتت أصالة على موقفها السابق لما ضرها في شيء موقف ثوري وسياسي سجله التاريخ لها!
في العموم يدفع الفنان ثمن انتقاده للسلطة أو معارضته لها دائمًا بسبب تداخل السلطة مع الفن وسيطرتها عليه في بلادنا، بل في آحايين كثيرة السلطة تسير الفنان أو الفنانة كما تريد جبرًا وبالقوة، وكلنا يعرف ماذا حدث مع سعاد حسني وفاتن حمامة في عهد جمال عبدالناصر ودور مخابرات صلاح نصر، كما لم تستطع فنانة لها مجد فني وصوت أرقى من كل الساسة الذين حلوا على مصر في العصر الحديث، أم كلثوم، من أن يكون لها رأي سوى الغناء والتغني بالسلطة سواء كانت هذه السلطة الملك فاروق أو الرئيس جمال عبد الناصر، وكذلك عبد الحليم حافظ، ومحمد عبد الوهاب، ومحمد منير، الذي كان يعده البعض صوتًا ثوريًا ينحاز إلى الشباب. هذا يولد سؤالًا آخر: هل على الجمهور أن يأخذ من الفنان فنه فقط ويستمتع به مبتعدًا عن تصنيفه السياسي أو انحيازه هنا أو هناك؟!
هذا أمر أيضًا بحاجة إلى بعض التفصيل.
#سامي_كمال_الدين
نشر في جريدة الراية